الأحرار يدخل الزمن الانتخابي .. آلة تنظيمية و أنشطة بإخراج أمريكي لإسقاط الإسلاميين
حزب التجمع الوطني للأحرار بالضبط، لا يلعب في استحقاقات 2021 كباقي اللاعبين. إنه مكلف بمهمة في غاية الخطورة والحساسية، وهي إسقاط الإسلاميين الذين اكتسحوا استحقاقيين انتخابيين تشريعيين. ويمكن القول أيضا إن عزيز أخنوش كزعيم لهذا الحزب هو الرجل الأكثر انشغالا وربما قلقا في المملكة، لأنه مكلف بهذه المهمة التي فشل فيها كل من سبقوه في عقد من الزمان وآخرهم إلياس العماري عندما كان يقود الأصالة والمعاصرة.
الرجل هو الأسلوب. وإلياس كان له أسلوبه، وأخنوش يبدو مختلفا ولكن المشترك هو المهمة ووفرة الإمكانيات والسند الجهوي. من الرحامنة بدأت المعركة ضد هيمنة الإسلاميين، ثم من الريف، واليوم من سوس بأسلوب جديد يجمع بين رجال الأعمال والأعيان، وتحريك إمكانات مالية ضخمة وآلة تنظيمية نطل على بعض كواليسها في هذا التحقيق، في انتظار أن يخرج إسلاميو المملكة الشريفة بآلتهم التي لم يكشفوا لحد الآن عن مكنوناتها.
من هم رجالات أخنوش؟
في كل الأحوال، فأخنوش لا يحكم الحزب وحده، بل تحيط به مجموعة من القياديين البارزين داخل «الأحرار»، يتقدمهم وزير الاقتصاد والمالية السابق محمد بوسعيد، الذي يوصف بكونه ذراعه الأيمن داخل الحزب، وهو من تكلف بتولي الإشراف المباشر على العديد من برامج الحزب على غرار القافلة التواصلية «100 يوم 100 مدينة» التي أطلقها الحزب في نونبر 2019 وأعلن خلاصات نتائجها في مارس 2021، كما تكلف بصياغة الشق الاقتصادي من برنامج الحزب الذي تم عرضه مؤخرا بمدينة أكادير، وهو الشخص نفسه الذي راهن عليه أخنوش لقيادة الحزب بجهة الدار البيضاء سطات، بعدما كانت فروع الحزب بهذه الجهة في عهد صلاح الدين مزوار تغلي وتعرف صراعات وانشقاقات.
ضمن الدائرة الضيقة لرجالات أخنوش داخل الحزب نجد كذلك مجموعة من القياديين البارزين، ويتقدمهم محمد أوجار، منسق الحزب على مستوى جهة الشرق، ووزير العدل السابق، وكذلك رشيد الطالبي العلمي، المنسق الجهوي للحزب بجهة طنجة تطوان الحسيمة، ورجل الأعمال سعد بنمبارك، منسق الحزب بجهة الرباط سلا القنيطرة، وأنيس بيرو منسق الحزب بالجهة رقم 13.
ويحيط أخنوش نفسه كذلك بمجموعة من الوجوه الشابة، يتقدمهم مصطفى بايتاس، مدير المقر المركزي للحزب، ولحسن السعدي، الكاتب العام للفيدرالية الوطنية لشبيبة الأحرار، واللذين يعول عليهما في تأطير آلاف الشباب ممن التحقوا بشبيبة الحزب بعد تأسيسها لأول مرة في العام 2017، والتي يراهن عليها الحزب لتكون واحدة من أقوى أذرعه الانتخابية. ومن ضمن النساء نجد أمينة بنخضرا، الوزيرة السابقة للطاقة والمعادن والمديرة الحالية للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، والتي ترأس منظمة المرأة التجمعية.
الصف الداخلي: اصطدامات وتدبير طموحات
خلف المقرات الفخمة لحزب «التجمع الوطني للأحرار» والإخراج الأمريكي لأنشطته، وسطوته على الإعلام والرياضة والعمل الخيري، توجد مشاكل وتصدعات وطموحات متناقضة، فمقرات الحزب في مدن عدة تحتضن غاضبين وناقمين، على غرار ما نجده في مختلف الأحزاب السياسية.
وعلى رأس النقاش الداخلي الذي يعرفه الحزب، موضوع تهميش الطبقة السياسية، فأبناء «الأحرار» يشبهون حزبهم بفريق لكرة القدم يُكَوِّن لاعبين صغارا ويؤطرهم لكن لا يعتمد عليهم في الفريق الأول، بل يركز على شراء لاعبين جاهزين بأموال طائلة، وهو ما يعمق الشرخ، ويطرح مجموعة من الأسئلة «الوجودية» داخل عقول ونفوس العديد من مناضليه.
قد يقول البعض إن حزب «التجمع الوطني للأحرار» لم يكن منذ تأسيسه حزبا يحتضن أسماء مسيسة، فغالبية أعضائه كانوا على الدوام من الأعيان أو تكنوقراط قادمين من عالم المال والأعمال، تتم صباغتهم باللون الأزرق على مقربة من كل انتخابات محلية أو برلمانية. ولذلك عرف الحزب في السنوات الأخيرة تواريا إلى الخلف لمجموعة من الأصوات المحسوبة على نخبته المسيسة مقابل صعود رجال الأعمال، وهو ما أدى في الكثير من الأحيان إلى بروز نقاش داخلي حاد انتقدته مجموعة من الأصوات، ودفع بأصوات أخرى إما إلى الاستقالة أو مقاطعة بعض اجتماعات الحزب، فالظاهر أن لأبناء الحزب النضال في القواعد والهياكل، وعند توزيع المناصب والمسؤوليات يبرز التكنوقراط مرتدين ألوان الحزب في اللحظات الأخيرة.
من بين الأسماء الغاضبة من تهميش أبناء الحزب، نجد على سبيل المثال محمد عبو، الوزير الذي شغل وزارتين في حكومتين متفرقتين، كوزير لتحديث الإدارة في حكومة عباس الفاسي ووزيرا منتدبا للتجارة في حكومة عبد الإله بن كيران الثانية، وهو ما دفعه مؤخرا إلى النزول من سفينة «الأحرار» بعدما قدم لأكثر من مرة استقالته لرئيس الحزب عزيز أخنوش، دون أن يتم قبولها، لكن استقالته الأخيرة كانت لا رجعة فيها، ومن شبه المؤكد أن محمد عبو سيترشح في الانتخابات المقبلة بألوان حزب الاستقلال الذي التحق به مؤخرا.
وينضاف إلى محمد عبو، اسم نسائي كان بارزا في عهد صلاح الدين مزوار وقبله في عهد مصطفى المنصوري، وهي نعيمة فرح، التي توارت كثيرا عن الحزب وأنشطته، وأصبحت محسوبة على الأصوات المعارضة التي لا تتردد في انتقاد سياسة إقصاء أبناء الحزب، دون أن تقطع شعرة معاوية مع الحزب الذي ترعرعت داخله منذ عقود.
في مقابل غضب النخبة المسيسة اتسعت دائرة رجال الأعمال، ممن التحقوا أفواجا بالحزب بعدما أصبح عزيز أخنوش رئيسا له، وهو ما يتضح بقراءة متأنية في لائحة المنسقين الجهويين والإقليميين والمحليين ممن عينهم الحزب مؤخرا، حيث أن نسبة رجال الأعمال تكاد تتجاوز 70 في المائة، وغالبيتهم لا تربطهم أية علاقة بالحزب تنظيميا أو إديولوجيا.
هذه الأسئلة الوجودية التي يعرفها الحزب دفعت الكثير من مناضليه إلى مغادرته، حيث تعرف بعض فروعه الجهوية والمحلية حالات غليان، ففي الأشهر القليلة الماضية، استقال 20 عضوا من الفرع المحلي بتاونات، ليلحقوا بمحمد عبو في حزب «الاستقلال»، كما استقال 36 عضوا ومنخرطا في عدد من الجماعات بإقليم إنزكان أيت ملول، و 31 عضوا على مستوى إقليم سيدي قاسم، في الوقت الذي يهدد مجموعة من الأعضاء الآخرين بتقديم استقالاتهم، بسبب تهميشهم بعد الاستعانة بأسماء جاهزة تم استقدامها من مجموعة من الأحزاب على رأسها «الأصالة والمعاصرة».
القبلية .. من شابه فما ظلم !
على رأس النقاش الداخلي الذي يمكن أن نسمعه في حزب «الأحرار» ما له علاقة بـ «القبلية» التي بدت تسيطر على الحزب، في ظل تواجد أعضائه المنتمين لجهة سوس مسقط رأس عزيز أخنوش في الصفوف الأمامية، وهو ما جعل اليوم غالبية أعضاء المكتب السياسي للحزب ينحدرون من مدن سوس ونفس الأمر بالنسبة لرؤساء بعض الهياكل أو التمثيليات التي عادة ما تسند لأهل «القبيلة» ومحيط الرئيس.
نفس الأمر يلاحظ كذلك عندما يتعلق الأمر بموظفي المقر المركزي للحزب، فغالبيتهم ينحدرون من منطقة سوس، كما أن اللقاءات الكبرى للحزب عادة ما يتم إطلاقها من مدينة أكادير، التي يراهن عليها أخنوش لتكون انطلاقة لمختلف أنشطته.
صعود «سواسة» إلى الواجهة في الحزب، أحدث بعض النقاش الداخلي، فهناك من الأعضاء المؤثرين من يؤكدون أن «الأحرار»، الذي أسسه ابن مدينة وجدة أحمد عصمان، وعرف بتجذره في مدن كالرباط والدار البيضاء، قد تم تحويله منذ تولي عزيز أخنوش رئاسته في 2017، إلى سوس، مسقط رأسه.
ويخشى بعض مناضلي الحزب أن يحدث في «الأحرار» ما حدث داخل حزب «الأصالة والمعاصرة»، عندما سيطر على أغلب مفاصله القياديون المنحدرون من منطقة الريف، وهو ما أدى إلى صراع قبلي، بعد إطاحة عبد اللطيف وهبي المنحدر بدوره من سوس بالريفي حكيم بنشماش، ليبرز نوع من الصراع القبلي هز أركان «البام»، وهو الأمر نفسه الذي يخشاه بعض الأعضاء الغاضبين داخل «الأحرار».
لكن هناك تحليلات ترى عكس ذلك، وتؤكد أن الأمر إيجابي، فجميع الأحزاب السياسية كانت لها مراكز قوة، فإذا كان حزب «الأحرار» اليوم يطلق غالبية برامجه من مدينة أكادير، فقبله كان حزب «الاستقلال» يعقد لقاءاته الكبرى بمدينة فاس، كما شكلت مدينتا الرحامنة ثم الحسيمة مراكز قوة بالنسبة لـ»الأصالة والمعاصرة»، ومنطقة «الأطلس» قاعدة صلبة لحزب «الحركة الشعبية»، ومدينة سلا منطلقا لحزب «العدالة والتنمية»، حيث أن العنصر القبلي ظل حاضرا على الدوام داخل جميع الأحزاب السياسية، إلى جانب الدين والمال.
ظهرت المقالة الأحرار يدخل الزمن الانتخابي .. آلة تنظيمية و أنشطة بإخراج أمريكي لإسقاط الإسلاميين أولاً على المغرب 24.
أضف تعليق